مما لا شك فيه أن قضية المخدرات أصبحت تمثل اليوم خطراً داهماً يهدد كيان بل وإمكانية تقدم وتنمية المجتمع العربي المعاصر ويدرك المرء حدة وخطورة هذه المشكلة الاجتماعية والاقتصادية بل والسياسية الأبعاد إذا عرف حجم الخسارة التي تعود على أي اقتصاد عربي.
وقد يكون للعديد من المؤسسات والنظم الاجتماعية (كالأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام وأجهزة الشرطة والقضاء إلخ) دور حقيقي وفعال في إقبال بعض أبناء المجتمعات العربية على التعاطي والإدمان فلا بد من معرفة الأسباب الحقيقية وراء انتشار المخدرات فهناك محاولات بحثية تشير إلى دور الأسرة في عملية التنشئة الاجتماعية وتوجيه سلوك:
الأبناء والشباب وتكون اتجاهاتهم حول القضايا المجتمعية المختلفة.
وهناك محاولات بحثية أخرى تشير إلى دور خروج المرأة للعمل وتغيب الأب معظم الوقت خارج المنزل (ذلك الحاضر الغائب) في ممارسة بعض الشباب المراهقين لسلوك تعاطي وإدمان المخدرات.
كما تشير دراسات أخرى إلى دور وسائل الإعلام المختلفة في لفت أنظار الشباب من خلال المسلسلات والأفلام على وجه التحديد لهذا السلوك السلبي.
وطالما أن أسباب انتشار المخدرات ترجع إلى عوامل فردية أو على أقصى تقدير إلى عوامل اجتماعية محدودة المدى فإن علاج تلك المشكلة يكمن من وجهة النظر تلك في تشديد العقوبة على المجرمين وأحكام تنفيذها (كعلاج قانوني). ومراقبة الأبناء وتوجيههم وحسن تنشئتهم (كعلاج على مستوى الأسرة والتنشئة الاجتماعية).
وإنشاء المؤسسات والمصحات العلاجية (كمستوي صحي). وكذا الاهتمام بعملية التوعية من مضار تعاطي المخدرات (كمستوى إعلامي). وتكثيف نشاط رجال الشرطة في القبض على تجار المخدرات والمهربين (كمستوى ضبطي بوليسي).
إن تعاطي المخدرات من أهم المشكلات القومية الملحة التي تبدد المال والنفس وكل قوى البناء وهي ظاهرة انحرافية إذ تخرج عن القواعد السلوكية والمعايير الأخلاقية التي يقرها المجتمع سواء كان هذا الإقرار من الجانب القانوني أو الديني أو الثقافي ورغم عالمية مشكلة تعاطي المخدرات ومتغيراتها الاجتماعية فإن لها صورة محلية خاصة بكل مجتمع على حدة إذ إنها مشكلة ذات أبعاد قومية ترتبط بالتاريخ السياسي والتشريعي للبلاد، كما ترتبط بتراثها وعاداتها وبنيتها الاجتماعية والخلقية والثقافية وتكمن خطورة تعاطي المخدرات في الآثار السلبية الواقعة على المتعاطي وليس هذا فحسب بل وعلى المجتمعات نفسها.
ومن هنا فإن علاج أي مدمن يحتاج إلى فريق متكامل من الطبيب الجسماني والطبيب النفسي ورجل الدين والاخصائي الاجتماعي ومرشد التعافي مع مراعاة الأبعاد الاجتماعية والثقافية المحيطة بالمدمن.
الوقاية من الإدمان:
دور الأنشطة الرياضية الترويحية في الوقاية من الإدمان:
1 أصبحت قضية الإدمان على المخدرات بأنواعها قضية تهدد حاضر ومستقبل العديد من دول العالم المتقدمة والنامية كما تهدد النشء والشباب في الدول العربية كلها.
2 تعتبر التنشئة التربوية مسئولة عن تربية النشء والشباب من المراحل السنية المبكرة وهذا يسهم في الوقاية من الانحرافات بأنواعها والإدمان على المخدرات وغيرها بطبيعة الحال.
3 تؤكد الأهداف المعلنة للمؤسسات الرياضية والترويحية اهتمامها بالدور البنائي والوقائي للنشء والشباب من الوقع في الانحرافات بكافة أنواعها مع استعدادها للإسهام في استكمال مراحل العلاج من الانحرافات بالتعاون وبإشراف المؤسسات المعنية الأخرى، ويتضاعف دور هذه المؤسسات في ضوء التقدم العلمي المضطرد في المجتمعات.
4 بدراسة المفهوم العلمي للرياضة والمفهوم العلمي للترويح تبين أنهما قد أصبحا من ضرورات الحياة للإنسان المعاصر وأصبحت الأنشطة الرياضية والترويحية الثقافية والفنية والاجتماعية من أساسيات البرنامج اليومي والأسبوعي والشهري لأعضاء المجتمعات.
5 ترتفع مكانة الرياضة والترويح في المجتمعات المتقدمة، حيث تمارس برامج الرياضة للجميع والترويح للجميع.
وبوجه عام فإن من الممكن أن نضع المقترحات للمؤسسات الرياضية والترويحية حتى تتمكن من القيام بأدوارها التي يتوقعها المجتمع.
1 وضع الخطة العامة للمؤسسات الرياضية والترويحية بحيث تستهدف أعضاء المجتمع خاصة النشء والشباب ممن هم في سن من 10 25 عاماً ومن الذكور والإناث على السواء.
2 تتحدد أهداف خطة المؤسسات الرياضية والترويحية بالتعاون مع مؤسسات التنشئة التربوية الأخرى مثل الأسرة والمدرسة والمنظمة الاجتماعية والسياسية (إن وجدت) فضلاً عن أجهزة الإعلام والثقافة.
3 توفير الإمكانات التي تيسر تنفيذ البرامج وهي ليست بالضرورة إمكانات غالية الثمن. بل إنه في ضوء التنسيق والتعاون والتكامل يمكن الإفادة القصوى من الإمكانات المتاحة في المؤسسات المختلفة.
إن الرياضة والمؤسسات الترويحية تسهم في تربية النشء والشباب وتعمل على رقابتهم من الانحرافات بوجه عام ومن الإدمان بوجه خاص.
فالرياضة من الأنشطة المهمة الضرورية للإنسان والتي يجب أن تمارس بانتظام تحت قيادات مهنية متخصصة من العاملين المهنيين الذين يتوفر لهم الخبرة والصحة البدنية والنفسية والتدريب المستمر فضلاً عن الإيمان بالأسلوب العلمي والنظرة المستقبلية المؤمنة بروح العصر والمتفائلة بإمكانية مسابقة الزمن من أجل اللحاق بركب التقدم العلمي=>
يقصد بالوقاية في مجال تعاطي المخدرات هي مجموعة التدابير التي تتخذ تحسبا لوقوع مشكلة
أو لنشوء مضاعفات لظروف بعينها ويكون هدف هذه التدابير القضاء الكامل أو الجزئي على إمكان وقوع المشكلة
أو المضاعفات أو المشكلة والمضاعفات معاً ويتفق هذا التعريف الذي وضعه (سويف) مع التعريف الذي تبنته هيئة الصحة العالمية .
الذي يفرق بين درجات ثلاث من الوقاية وهي على النحو التالي:
الوقاية من الدرجة الأولى:
هدفها هو منع المشكلة من الحدوث أصلاً . وتتضمن جميع أنواع التوعية وكذلك الإجراءات التي تتخذ على مستوى الدولة
(باسم مكافحة العرض) سواء كانت إجراءات أمنية أو تشريعية ،
مادام الهدف الأخير منها هو منع توافر المخدر، ومن ثم منع وقوع التعاطي.
الوقاية من الدرجة الثانية:
ويقصد بها التدخل العلاجي المبكر ،بحيث يمكن وقف التمادي في التعاطي لكي لا يصل بالشخص إلى مرحلة الإدمان،
وكل ما يترتب على مرحلة الإدمان من مضاعفات . أي ان هذا المستوى من الإجراءات الوقائية يقوم على أساس الاعتراف
بان الشخص أقدم فعلا على التعاطي، ولكنه لا يزال في مراحله الأولى ومن ثم تحاول إيقافه عن الاستمرار فيه
الوقاية من الدرجة الثالثة :
ويقصد بها وقاية المدمن من مزيد من التدهور الطبي أو الطبي النفسي والسلوكي للحالة
.فهدفها إيقاف تقدم المشكلة أو تعطيل تفاقمها رغم بقاء الظروف التي أحاطت بظهورها