موقفُ الإسلامِ من تعاطي المسكرات والمخدرات
لقد جاء الإسلام نوراً وهدىً للبشرية ، رفعها من حضيض المطامع الدنيوية الزائلة إلى قمة الكرامة عند الله يوم الدين ، فبشر المؤمنين بأن لهم رضوان الله عز وجل وأن دارهم الجنة ، وأنذر الكفرة بأن جهنم مقامهم خالدين فيها أبدا وعليهم غضب من الله ، وبيَّن للناس طريق الهدى والرشاد الصراط المستقيم وطريق الزيغ والضلال ، قال تعالى إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ) آية 3 سورة الإنسان ( وهديناه النجدين ) آية 10 سورة البلد وأما العلم بالتوفيق إلى الهداية أو الضلال والكفر فعند الله لايغيب بنفاق منافق ولا ينفع فيه تصنع ، فالله سبحانه علاَّم الغيوب ومن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فعليها وما ربك بظلام للعبيد ، ( وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا ) الآية 17 سورة الإسراء
ولقد جاء تحريم الخمر بالتدريج فجاء بيان مافيها من الإثم الكبير في قوله تعالى : ( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ) البقرة 219
وهذه الآية لاتدل على تحريمٍ لها قال ابن كثير في ذكر الأحاديث الواردة في بيان تحريم الخمر في تفسير سورة المائدة عن أبي هريرة قال حرمت الخمر ثلاث مرات قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فأنزل الله ( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس ) إلى آخر الآية فقال الناس ما حرما علينا إنما قال : ( فيهما إثم كبير ومنافع للناس ) وكانوا يشربون الخمر حتى كان يوماً من الأيام صلى رجل من المهاجرين أَمَّ أصحابَه في المغرب فخلط في قراءته فأنزل الله آية أغلظ منها ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلا ة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ) فكان الناس يشربون حتى يأتي أحدهم الصلاة وهو مغبق ثم أنزلت آية أغلظ من ذلك ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) قالوا انتهينا ربنا وعن عمر بن الخطاب أنه قال لما نزل تحريم الخمر قال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في البقرة ( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ) فدعا عمر فقرئت عليه فقال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في سورة النساء ( يا أيها الذين آمنوا لاتقربوا الصلاة وأنتم سكارى ) فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال حي على الصلاة نادى : لايقربن الصلاة سكران فدعا عمر فقرئت عليه فقال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في المائدة فدعا عمر فقرئت عليه فلما بلغ قول الله تعالى : ( فهل أنتم منتهون ) قال عمر انتهينا و قد ثبت في الصحيحين عن عمر بن الخطاب أنه قال في خطبته على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيها الناس إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير ، والخمر ما خامر العقل ( ص 82 تفسير ابن كثير ج 2 )