تعد مشكلة تعاطي المخدرات من أخطر المشكلات النفسية والاجتماعية التي تواجه المجتمعات المختلفة ومنها مجتمعاتنا العربية والإسلامية .
وتشيع هذه المشكلة في مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية والأسر ذات المستويات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة . كما تمتد عبر المراحل العمرية المتعددة ولكن تبدو أكثر خطورة وشيوعيا لدى قطاعات الشباب والمراهقين وهم بطبيعة الحال طلاب المدارس والجامعات . وهذا العمر هو الذي يصل فيه الفرد إلى قمة قدراته على العطاء والبذل والإنتاج . ويزيد من خطورة هذه المشكلة أنها أكثر شيوعا لدى الذكور منها لدى الإناث حيث هم يتحملون العبء الأكبر في العمل والإنتاج .
وقد تزايد في الفترات الأخيرة الإقبال على تعاطي العديد من المواد النفسية التي هي أشد خطورة مقارنة بالمواد التي كانت منتشرة فيما قبل . حيث شهدت الثمانينات من القرن الماضي عودة الهيروين والكوكايين إلى الظهور بين الشباب مما أحدث حالة من الذعر لدى المسئولين والتربويين .
وتقترن مشكلة التعاطي لدى الشباب والمراهقين بوقوع العديد من المشكلات والأمراض الاجتماعية .منها على سبيل المثال تدهور مستوى الصحة النفسية والجسمية وصور التوافق النفسي والاجتماعي وازدياد مستويات أو معدلات السلوك الإجرامي والعدواني على المستويين الشخصي والاجتماعي . مما يشكل تهديدا خطيرا للسلامة الشخصية والأمن الاجتماعي . حيث لوحظ أن أغلب حوادث العنف والسرقة والخطف والتحرش الجنسي والاغتصاب والقتل يرتكبها المراهقون والشباب من متعاطي المواد المخدرة .إما نتيجة للاضطراب العقلي الذي يحدث نتيجة لآثار التعاطي السلبية . أو للرغبة في الحصول على الأموال اللازمة للتعاطي والحصول على النشوة والانتشاء الناتج عن تعاطيها . ومن ثم الإدمان والتعود والازدياد المضطرد في معدلاتها .
ولقد تبين أن ازدياد هذه المشكلة وتنامي معدلاتها خاصة لدى الشباب والمراهقين يكلف المجتمع اعتمادات مالية وخسائر فادحة تنفق على عمليات الوقاية وإعداد الخطط والحملات التي تهدف إلى مكافحة مهربي المخدرات وموزعيها .أو علاج الآثار المترتبة على ذلك ومنها علاج المدمنين ورعايتهم وإعادة تأهيلهم . هذا بالإضافة إلى الحاجة المستمرة إلى توجيه العديد من الموارد لبرامج التنمية الأسرية والشباب وتحسين الأحوال المعيشية لهاته الفئة من الشباب وأسرهم .
لقد أصبح من الأفضل استعمال مصطلح ( المواد النفسية ) على مصطلح تعاطي المخدرات لأن كلمة المخدرات في صيغتها العربية تشير إلى ما يؤثر تأثيرا مهبطا في الجهاز العصبي المركزي في حين أن مصطلح المواد النفسية يشمل كل المواد المهبطة والمواد المنشطة على السواء .
وتصنف المواد النفسية في إشارة سريعة إلى قسمين: على أساس مصادرها وعلى أساس النوع أو التأثير الذي تحدثه . فمن حيث مصادرها فتشمل ثلاثة مصادر رئيسة وهي :
1 – المواد الطبيعية أو أنسجة الحيوانات أو المواد الخام كما هي على طبيعتها ومن أمثلتها الحشيش والأفيون والتي يطلق عليها المخدرات الطبيعية .
2 – المواد المستمدة من معالجات كيميائية للمواد الطبيعية مثل الهيروين والمورفين .
3 – مواد مخلقة كيمائيا أي تنتج وتصنع بطريقة كيميائية بحتة .
أما من حيث نوع التأثير فتشمل أربعة فئات :
1 – مهبطات الجهاز العصبي وتشمل المهدئات والمنومات والكحوليات .
2 – المنشطات والمنبهات مثل النيكوتين ومادة الكولا والحبوب المنشطة .
3 – المهلوسات وهي مواد تؤدي إلى التشويش الحسي والبصري وتغيير المزاج والتفكير والإدراك الزماني والمكاني ومنها الحشيش (القنب الهندي ) ودواء المسكالين .
4 – المسكنات وهي مواد تقلل من الإحساس بالألم لذا تستخدم في التخدير والجراحة . ومن أمثلتها الأفيون ومشتقاته كالهيروين والمورفين . وهي مواد تحدث اعتمادا نفسيا وجسميا شديدا عليها إذا ما تكرر تعاطيها .
أما فيما يخص الآثار النفسية والاجتماعية التي تنجر على عملية التعاطي فيمكن تلخيصها في الآتي :
- الشعور بدافع قهري لتناولها من أجل الحصول على آثار اللذة والمتعة والنشوة الناتجة عن ذلك .
- المعاناة النفسية والجسمية إذا لم يتعاط الشخص المواد النفسية .
- ازدياد الحاجة إلى تناول المزيد من الجرعات للحصول على نفس الآثار النفسية . وهو ما يطلق عليه ظاهرة ( التحميل ) .
- لجوء الفرد إلى المخدرات عندما تواجهه مشكلات معقدة نفسية أو اجتماعية أو حياتية بصورة عامة بدلا من التفكير الواقعي والمنطقي في معالجة هذه المشكلات والتعامل معها .
وتشير العديد من المؤشرات العالمية والمحلية إلى أن بدء التعاطي يقع غالبا في سن المراهقة ( خاصة المبكرة ) . وهي الفترة التي يقضيها الشباب في المدارس والجامعات