نستعرض فيما يأتي ثلاثة نماذج من دراسة مسحية مقارنة أجريت في 98/1999 باستخدام المنهج سابق الذكر لمعرفة سوء استعمال المواد النفسية المنشطة والاعتماد على الحقن بمادة الهيروين وذلك في كل مصر وإيران وباكستان.
مصر ..
أجري استبيان شبه مقنن على عينة بلغت 696 حالة من المراكز العلاجية وأيضا من المقاهي والمدارس والمارة من الشوارع.. الخ وكانوا من خمس محافظات مصرية: القاهرة 177، الغربية 144، الإسماعيلية 140، قنا 125، جنوب سيناء 110. وبالرغم من الاختلاف الملحوظ بين هذه المحافظات فإن الملمح العام المشترك هو انتشار سوء استعمال البانجو وهو عشب من نبات القنّب (الحشيش) وكذلك تناول المشروبات الكحولية.
وقد تبين أن سوء استعمال المواد النفسية المنشطة والحقن بالهيروين نمط أكثر شيوعا في المدن الرئيسة الكبرى. وأفصح 17% من العينة أن أسلوب الحقن هو الطريق الرئيسي لاستعمال المخدرات. وهناك 33% اشتركوا في استعمال أدوات الحقن مع أصدقاء، و13% مع غرباء. وذكر ما يقرب من ثلثي الذين يتعاطون المخدر بالحقن أنهم يستخدمون إبرا معقمة حتى عند إعادة الاستعمال، وهناك 16% لا يعقمون أدوات الحقن. واتضح أن 30% من العينة على دراية تامة بطرق انتقال مرض الإيدز، أما فيروس (C) فالدراية أقل.
وقد أكد تحليل بيانات نتائج البحث القومي للإدمان بهشاشة الفئة العمرية من 15 - 20 للانغماس في دائرة التعاطي. وكانت مجاملة الأصدقاء وحب الاستطلاع والعودة إلى مجالسة المتعاطين وقبول المادة المخدرة كهدية، من أهم المبررات لأول تجربة للتعاطي. (سويف/ المركز القومي 1984).
إيران ..
في إيران تبين وجود علاقة بين الإدمان والعلاقات الجنسية التي تتم خارج نطاق الحياة الزوجية
وبنفس منهج الاستقصاء السريع أجريت الدراسة ذاتها في جمهورية إيران الإسلامية سنة 98/1999 وتم إجراء مقابلات مع مستعملي المخدرات وأعضاء من أسرهم، وأيضا بعض الإخباريين من ذوي العلاقة. وتقف حدود هذه الدراسة من حيث عدم تمثيل العينة طبقا للأسس المنهجية وكذلك بالنسبة للمدن التي أجريت فيها الدراسة. وعلى أي حال فإن المعلومات التي أوردتها أدت إلى توضيح الصورة عن سوء استعمال المخدرات في إيران.
وتبين أن 29% من جميع الحالات التي تم اختبارها لها ماض في الحقن بالمخدرات. وبلغ متوسط العمر مستعملي الحقن 31.7 سنة، ومتوسط العمر عند بداية التعاطي بالحقن 26.3 سنة. وأفاد نصف مستعملي الحقن أنهم يحقنون بمعدل مرتين إلى ثلاث مرات يوميًا. وكانت غالبية الحقن تتم عن طريق الوريد. واتضح أن نصف عينة مستعملي الحقن يتشاركون في استعمال نفس إبر الحقن، بل بلغت نسبة مثل هؤلاء 70% للعينة القادمة من مارة الطريق.
وأدلى الإخباريون أن مشكلة الحقن بالمخدر منتشرة في سجون إيران رغم صرامة الإجراءات الأمنية في السجون. وأضافوا أن أسلوب الحقن بالمخدرات رغم ذلك ليس بالأسلوب المفضل بين المتعاطين في إيران ولكنه اتجاه جديد تطور سريعا في الفترة الأخيرة.
ولكن ثمة أمرا آخر أفصحت عنه الدراسة الراهنة وهو علاقة التعاطي أو الاعتماد على المخدر بالسلوك الجنسي غير المشروع فوجد أن ثلث المتزوجين من أفراد العينة لهم علاقات جنسية خارج بيت الزوجية، وكذلك الحال بين المطلقين والمنفصلين،
و70% من غير المتزوجين. ويتبين أنه بجانب الوصمات الاجتماعية والأخلاقية التي أسفرت عنها نتائج هذه الدراسة فإن الخطورة كامنة وواضحة أيضا إزاء المخاطر الصحية بعدوى مرض الإيدز بسبب المشاركة في استعمال أدوات الحقن والعلاقات الجنسية غير الشرعية.
باكستان
في باكستان يقدر عدد مدمني المخدرات بنحو ثلاثة ملايين نسمة،
وأثبتت دراسة أجريت عام 1999 علاقة بين الإدمان والإصابة بالإيدز وفيروس الكبد الوبائي (c).
يقدر عدد الأشخاص الذين يعانون من سوء استعمال المواد المخدرة في باكستان بنحو ثلاثة ملايين نسمة، وتعتبر آفة شمّ الهيروين وتدخينه من أهم الأساليب التقليدية للتعاطي والإدمان. أما الآن فإن الاتجاه في ازدياد نحو الاعتماد على سوء الاستعمال بالحقن.
قد اتضحت خطورة الموقف من خلال التقرير المشترك بين UNDCP& UNAIDS عن دراسة أجريت في ديسمبر/كانون الأول 1999 بعنوان "دراسة أساسية للعلاقة بين استعمال المخدر بالحقن والعدوى بمرض الإيدز وفيروس (C) بين مستعملي المخدر بالحقن من الرجال في مدينة لاهور". وقد أجريت الدراسة خلال شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 1999، وكشف التقرير عن ارتفاع معدلات العدوى بفيروس (C).
وترجع الدراسة هذا الارتفاع سوء استعمال المخدرات عن طريق الحقن والعلاقات الجنسية غير المشروعة.
وهناك 187 حالة من العينة البالغة 200 فرد (89%) مصابون بفيروس (c) ولم يعثر على إصابات بمرض الإيدز بين أفراد هذه العينة. وكان استعمال الإبرة المشتركة في 69% من الحالات.
ودحضت نتائج الدراسة نظرية هبوط الفعالية الجنسية بالنسبة للمعتمدين على المخدر، إذ تبين أن أكثر من نصف المبحوثين أفادوا باستمرار نشاطهم الجنسي وتكراره في السنة الأخيرة. كما أقر 48.5% بنشاطهم الجنسي في أماكن الدعارة، وقد يكون ذلك من أهم طرق انتقال العدوى لهذه الأمراض.
وفي النهاية تطرح الدراسة ما مؤداه أن التحول من عادة شمّ الهيروين أو تدخينه إلى الحقن بخليط من المواد المخدرة والمنشطة يزداد انتشاره بشكل سريع، فقد تحول 49% من الحالات التي كانت تستعمل المخدرات بالشم أو التدخين إلى أسلوب الحقن في السنة الأخيرة. وتتكوّن مواد الحقن، الخليط، من مواد مخدرة غير محظورة تباع في الصيدليات وتخلط بمواد أخرى محظورة قانونا.
وقد أيدت نتائج بحوث أخرى أجريت في مناطق مختلفة في آسيا، نماذج مستحدثة في استعمال المخدرات وأن التحول من التعاطي التقليدي للأفيون إلى طرق الحقن يعتبر من أهم العوامل المساعدة للازدياد السريع في معدلات الإصابة بمرض الإيدز بين مستعملي المخدرات عن طريق الحقن.
ويمكن بناء على ما سبق القول إن هذا التحول في طرق التعاطي في باكستان إنذار مبكر لمخاطر كبرى يمكن اتخاذ إجراءات فعالة نحوها.