قول الله تعالى ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما)
فإن هذه الآية تدل على أن ما كان ضررا على الإنسان كان منهيا عنه
و الآية ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة )
فإن قال قائل : هذا في القتل فقط لا في مطلق الضرر ؟
فالجواب : نعم هذا ظاهر الآية لكن عمرو بن العاص رضي الله عنه استدل بها على نفي الضرر فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على
ذلك وذلك أنه بعثه مع سرية فأجنب فتيمم ولم يغتسل فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ( أصليت بأصحابك وأنت جنب ؟)
فقال: يا رسول الله ذكرت قول الله تعالى " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما" وكانت الليلة باردة فتيممت , فضحك
الرسول صلى الله عليه وسلم تقريرا لفعله (( رواه البخاري وأبو داود والدار قطني وصححه ابن حبان والحافظ في الفتح ))
وهذا يدل على أن الآية تتضمن النهي عن قتل النفس وكل ما كان فيه ضرر
من الشرح الممتع للشيخ إبن عثيمين رحمه الله ..
أجمع علماء المسلمين على تحريم المخدرات وذلك لثبوت ضررها على الفرد والمجتمع ولم يشد عن ذلك فقيه من الفقهاء ولا مذهب من المذاهب ، كلهم أقروا تحريمها فهي حرام
بل هي كبيرة وقالوا أن من استحل شربها أو أكلها أو تناولها فلابد أن يستتاب, تطلب منه التوبة فإن تاب ورجع فيها وإلا عوقب بما يعاقب به المرتدون لأنه أنكر أمراً معلوماً من الدين بالضرورة .
وللأسف نجد في عصرنا أناساً يماحكون بالباطل ويجادلون في غير موضع للجدل ويقولون لا نجد دليلاً في القرآن أو السنة على حرمة المخدرات. كذبوا, فالقرآن والسنة يحرم هذه المخدرات, هؤلاء يريدون أن يأتي القرآن ويقول قد حرمت عليكم الحشيش أو الويسكي أو الكونياك, القرآن لا يأتي بالتفصيلات إنما توضع مبادئ عامة وقواعد كلية ونصوصاً مطلقة يدخل تحتها آلاف الجزئيات والمسائل, القرآن قد حرّم الخمر وقال "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون" "إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء بالخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون"
هكذا نزلت الآيتان الكريمتان في سورة المائدة وحينما قال الله تعالى فهل أنتم منتهون قالوا قد انتهينا يا رب قد انتهينا يا رب كان الرجل منهم يمسك بالكأس في يده يشرب بعضها وبقي بعضه, فأفرغها ولم يكمل الكأس ويقول أشربها ثم أنتهي لا ثم ذهبوا إلى بيوتهم فجاءوا بقرب الخمر وأفرغوها في طرقات المدينة, انتهينا يا رب الخمر رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه, وكلمة فاجتنبوه ليست كما يزعم بعض الناس كلمة خفيفة لا تدل على التحريم, بل تدل على أبلغ التحريم وأشد, ولذلك تأتي مع الشرك والكبائر, "فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور" "وقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت", "والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها", الأصنام والأوثان, "الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم", فهكذا كلمة اجتنب لا تأتي إلا مع الشرك والطاغوت والأصنام وكبائر الذنوب وفواحشها ومعنى اجتنب, أي اجعل بنك وبين هذا الشيء جانبا,ً ابتعد عنه مثلها, كقوله تعالى " ولا تقربوا الزنا" ليس معناه لا تزنوا فقط بل ابتعدوا عن كل ما يقرب إلى الزنا, كالخلوة والتبرج الخلاعة والنظرة بشهوة إلى آخر هذه الأشياء, فاجتنبوه لعلكم تفلحون.